قضت المحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة، في حكمها الصادر بتاريخ 17 دجنبر 2025، بإلغاء القرار الإداري الذي اتخذه مجلس جامعة محمد الأول بوجدة، والذي كان يقضي بفرض رسوم مالية قدرها 15 ألف درهم عند التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه على الطلبة الموظفين والأجراء، حيث اعتبرت المحكمة أن هذا القرار يتسم بتجاوز السلطة ويخالف المبادئ الدستورية والقانونية التي تؤطر الحق في التعليم.

جاء هذا الحكم استجابة لطعن تقدم به أحد الطلبة المقبولين بسلك الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، بعد أن تم رفض تسجيله النهائي لعدم تقديمه لوصل أداء الرسوم المذكورة، رغم استيفائه الشروط العلمية والبيداغوجية واجتيازه مراحل الانتقاء بنجاح.

عدم اختصاص مجلس الجامعة

أوضحت المحكمة أن مجلس الجامعة الذي اتخذ القرار لا يملك أي اختصاص تشريعي أو تنظيمي يخول له فرض رسوم من هذا النوع، مؤكدة أن البرلمان هو الجهة الوحيدة المخولة دستورياً لإقرار الرسوم والتكاليف ذات الطابع الإجباري، وأن غياب سند قانوني صريح يجعل القرار المطعون فيه صادراً عن جهة غير مختصة، مما يستوجب إلغاؤه.

عدم وجود نص قانوني يجيز فرض الرسوم

سجل الحكم أن النصوص المؤطرة لمنظومة التعليم العالي، وخاصة القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، لا تنص صراحة على إمكانية فرض رسوم عند التسجيل بسلك الدكتوراه، ولا تميز بين الطلبة بناءً على وضعهم المهني أو الاجتماعي.

تمييز غير مبرر

اعتبرت المحكمة أن فرض الرسوم على فئة محددة من الطلبة، خاصة الموظفين والأجراء، دون غيرهم، يشكل تمييزاً غير مبرر يمس جوهر الحق في التعليم، ويخرق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليه في الفصل 154 من دستور 2011، الذي يفرض على المرافق العمومية ضمان الولوج المتكافئ للخدمات العمومية دون تمييز.

الحق في التعليم كحق أساسي

أكد الحكم أن الحق في التعليم ليس امتيازاً، بل هو حق أساسي من حقوق الإنسان، لا يجوز تقييده باعتبارات مالية أو تنظيمية غير مؤسسة على أساس قانوني صريح، مشدداً على أن ولوج سلك الدكتوراه يجب أن يظل خاضعاً لمعايير الكفاءة والاستحقاق العلمي فقط.

رد المحكمة على مبررات الجامعة

ردت المحكمة على مبررات الجامعة المتعلقة بتغطية نفقات التشغيل، مثل أجور الأساتذة والأطر الإدارية وأعوان الأمن والنظافة، معتبرة أن هذه الاعتبارات، رغم واقعيتها، لا ترقى إلى مستوى السند القانوني الذي يجيز فرض رسوم إجبارية على الطلبة، ولا يمكن تحميلهم عبء تمويل المرفق العمومي خارج إطار القانون.

الآثار القانونية للحكم

قضت المحكمة، بالإضافة إلى إلغاء القرار المطعون فيه، بترتيب الآثار القانونية المترتبة عن ذلك، بما في ذلك تمكين الطاعن من التسجيل بسلك الدكتوراه برسم الموسم الجامعي 2025–2026 دون أداء الرسوم الملغاة.